عدنان بن عبد الله القطان

2 رمضان 1444 هـ – 24 مارس 2023 م

——————————————————————————-

الحمد لله الذي خصّ شهر رمضان بمزيد الفضل والإكرام، نحمده سبحانه ونشكره على إحسانه وجميله العام، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهٌ تفرّد بالكمال والتمام، شهادةً مبرّأةً من الشرك والشكوك والأوهام، نرجو بها النجاة من النار والفوز بدار السلام، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، أفضل من صلى وزكى وصام، وأتقى من تهجّد وقام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه هداة الأنام، ومصابيح الظلام، وسلم تسليماً كثيراً.

أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى :(وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)

معاشر المسلمين: في أول جمعة من أيام شهر رمضان المبارك، نهنئ أنفسنا وبلادنا ملكاً وحكومة وشعباً والمسلمين جميعاً، ببلوغ هذا الشهر العظيم، جعله الله مباركاً علينا وعلى عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وأهله على الجميع بالأمن والأيمان والسلامة والإسلام، والعز والنصر والتمكين للمسلمين في كل مكان..

عباد الله: المسلِمُ في عمرِه المحدود، وأيّامه القصيرةِ في الحياةِ، قد جعلَ الله له مواسِمَ للخير، وأعطاه مِن شرَف الزمان والمكان ما يسدُّ به الخلَلَ ويقوِّم المعوَجَّ من حياته، ومن تلك المواسمِ شهرُ رمضان المبارك، قالَ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وقد كان نبيكم صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه رضوان الله عليهم عند حلوله فيقول: أتاكم شهرُ رمضانَ، شهرٌ مبارَكٌ، فرض اللهُ عليكم صيامَه، تفتحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ ، و تُغلَق فيه أبوابُ الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطينِ،  وفيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ) نعم والله إنها بشرى عظيمة، كيف لا يبشر المؤمن بشهر يفتح الله فيه أبواب الجنة؟ كيف لا يبشر المذنب، بشهر يغلق الله فيه أبواب النار؟ كيف لا يبشر العاقل، بوقت يغل الله فيه مردة الشياطين؟ كيف لا يبشر العابد، بليلة هي خير من ألف شهر؟ شهر لا تحصى فضائله، ولا تعد فوائده، فكيف لا يبشر به؟ في رَمضانَ عباد الله تخفّ وطأةُ الشهوات على النفوسِ المؤمِنة، وتُرفَع أكُفُّ الضّراعةِ لله في اللّيل والنهار، فواحِدٌ يسأل الله العفوَ عن زلّته، وآخَر يسأل الله التوفيقَ لطاعتِه، وثالثٌ يستعيذ بالله من عقوبَتِه، ورابعٌ يرجو منه جميلَ مثوبتِه وخامِس شَغلَه ذكرُه عن مسألتِه، فسبحان من وفَّقَهم وغيرُهم محروم..

شهر رمضان شهر نزول القرآن والكتب السماوية، قال تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) وقال جل وعلا: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وقال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْراً مِّنْ عِندِنَا ۚ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ، رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وقال صلى الله عليه وسلم: أنزَلَتْ صُحُفُ إبراهيمَ عليه السَّلامُ أوَّلَ ليلةٍ مِن رمَضانَ، وأُنزِلَتِ التَّوراةُ لسِتٍّ مضَيْنَ مِن رمَضانَ، وأُنزِلَ الإنجيلُ لثلاثَ عَشْرَةَ خلَتْ مِن رمَضانَ، وأُنزِلَ الزَّبُورُ لثمانَ عَشْرَةَ خلَتْ مِن رمَضانَ، والقُرْآنُ أنزل لأربعٍ وعِشرينَ خلَتْ مِن رمَضانَ.)  فيا أيها المسلم ويا أيتها المسلمة: ليكن لكما نصيبٌ من قراءة القرآن في هذا الشهر المبارك، الذي أنزل فيه، وليكن لكما في رسول الله صلى الله عليه وسلم  أسوة حسنة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ)

أيها المؤمنون والمؤمنات: شهر رمضان شهر قوّة وعطاء، شهر مثابرةٍ وإيمان، شهر عملٍ وصبر، وليس شهرَ ضعف وكسل ونوم، وخمولُ بعض الصائمين ولجوؤهم إلى النوم في نهاره والإقلال من العمل، يخالف الحكمةَ من الصوم، ولا يتَّفق مع الغاية منه

 كان المسلمون الأوائل يعيشون رمضان بقلوبهم ومشاعرهم، فإذا كان يوم صوم أحدهم فإنّه يقضي نهارَه صابراً على الشدائد، متسلِّحاً بمراقبة الله وخشيته، بعيداً عن كلّ ما يلوِّث يومَه ويشوِّه صومَه، لا يتلفّظ بسوء، ولا يقول إلاّ خيراً وإلاّ صمتَ، أمّا ليلُه فكان يقضيه في صلاةٍ وتلاوةٍ للقرآن وذكرٍ لله عز وجل تأسِّياً بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عباد الله: ثمارُ الصومِ ونتائجُه مدَد من الفضائل، لا يحصيها العدّ، ولا تقَع في حساب الكَسول الغافل اللاهي، الذي يضيِّعُ شهرَه وأوقاته في الاستغراقِ في النّوم نهاراً، وذَرعِ الأسواق والمجمعات ليلاً فراغاً ولهواً...الصّيام جُنّة من النار، (أي ستر ووقاية) كما قال صلى الله عليه وسلم: (إنّما الصيام جنّة يستجِنّ بها العبدُ من النار). والصيامُ جنّة ووقاية من الشهوات؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: (يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أغَضُّ لِلْبَصَرِ، وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ.) أي: فإنَّه مانِعٌ مِن الشَّهَواتِ، ومُفتِّرٌ لها، وقاطِعٌ لشَرِّها.

وفي الجنّة بابٌ لا يدخل منه إلاَّ الصائمون؛ قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أحَدٌ)

الصيام والقرآن يشفَعان لصاحبهما يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم: الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ، يقولُ الصيامُ: أي ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه ، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه  فيَشْفَعانِ). الصّومُ كفّارة ومغفِرةٌ للذّنوب؛ فإنّ الحسنات تكفِّر السيئاتِ، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من صامَ رمضان إيماناً واحتساباً غفِر له ما تقدَّم من ذنبه). الصّيام سببٌ للسّعادة في الدّارين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ بفطره، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ)

فهل نجعل يا عباد الله من رمضان هذا العام وكل عام موسماً للعودة إلى الله ومناسبةً للمحاسبة وإصلاحِ التّقصير في جنب الله؟ وهل يجعل طلبةُ العلم والدعاةُ إلى الله من رمضانَ منطلقاً لتجديد الهمّة وتطهير النية؟ فهم يحملون أشرفَ دعوةٍ وأنبلَ غايةٍ، وهل يكون رمضانُ فرصة لكلّ مسلمٍ لينصرَ أخاه ظالماً أو مظلوماً؟! ينصر المظلومَ بردّ ظلامتِه، وينصر الظالمَ بالأخذ على يديه؛ فيسود الصفاءُ المجتمعَ المسلم، هل يكون رمضان فرصةً للأغنياء والمترَفين ليعيشوا حاجةَ الفقراء ويشكروا النعمةَ بوضعها حيث أراد المنعِمُ، فيسهموا في إنقاذ الفقراء والمساكين والمحتاجين والجائعين في كل مكان وما أكثرَهم؟! فإيمانهم معرَّض للخطر إذا لم يُطعَم جائعهم، ويُكسَ عاريهم ويُغَث ملهوفهم! هل يكون رمضان فرصةً لكلّ مسلم ليدركَ أن التساهلَ يؤدّي إلى الكبائر، فيقلع عن الغيبة والنميمة، وسوء الظنّ، والاحتقار، والازدراء للآخرين؟ رمضان عباد الله مدرسة كبرى، نتدرَّب في ليله ونهاره، ونغذّي جوارحَنا بنفحاته؛ حتى تتحرّك جميعها كما أراد لها ربّها وخالقُها، وفي الحديث القدسيّ: (وما يَزال عبدِي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتَّى أحِبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصِر به، ويدَه التي يبطِش بها، ورجلَه التي يمشي عليها)

مدرسة الصيام تربِّي على الإرادة الجازمة والعزيمة الصادقةِ، تلك التي تكسِر غوائلَ الهوى وتردّ هواجسَ الشرِّ، أيّ إرادة قويّة، بل أيّ نظام أدقّ من أن ترى المؤمنَ في مشارق الأرض ومغاربها يمسك عن طعامه وشرابه مدّةً من الزمن، ثمّ يتناوله في وقتٍ معيّن، ثم يمسك زمامَ نفسه من أن تذلَّ لشهوةٍ أو تُسترَقَّ لنزوةٍ أو ينحرفَ في تيّار الهوى، بل إنه يقول لسلطان الهوى والشهوةِ: لا، وما أروعَها من إجابةٍ إذا كانَت في مَرضاةِ الله.

لا يرفث، ولا يصخَب، ولا يفسُق، ولو جرح جاهِلٌ مشاعرَه واستثار كوَامِنَه لجَم نوازِعَ الشرّ بقوله: إني امرؤٌ صائِم.

الصيامُ الحقُّ عباد الله يثمِر تطهيرَ القلبِ من الأحقادِ والمآثم والشرور، وكفَّ الألسن عن اللّغو، وغضَّ البصر عن الحرام، فمن الصائمين من ليس له من صيامه إلاّ الجوع والعطش. نعم، الذي يترك الطعامَ ويأكل بالغيبة لحومَ إخوانه، يكفّ عن الشراب، ولكنّه لا يكفّ عن الكذب والغشّ والعدوان على الناس.

الصيام الحقُّ يجعل المسلمَ أوسع صدراً وأندى لسانًا وأبعدَ عن المخاصمة والشرّ، وإذا رأى زلّةً احتملها، وإن وجد إساءةً صبر عليها، (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)

اللهم لك الحمد أن بلغتنا رمضان اللهم اجعلنا فيه من المقبولين، وخصنا فيه بالخيرات والبركات، وارفع لنا بصيامه وقيامه عندك الدرجات، واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، برحمتك يا أرحم الراحمين.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي يمن على من يشاء من عباده بالهداية والتوفيق، نحمده سبحانه ونشكره على توفيقه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الصيام شرعاً هو الامتناع والإمساك بنيَّةِ التعبد لله، عن المفطرات الحسية والمعنوية، وعن جميع المُفسدات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشّمس، وهو واجب على كل مسلم ومسلمة، بالغ عاقل صحيح مقيم، وأن تكون المرأة طاهرة من الحيض والنفاس، وهناك أمور كثيرة ينبغي على الصائم أن يجتنبها، وهي ما يعرف بالمفطرات والمفسدات؛ لأنه إذا فعل شيئاً منها في نهار رمضان، فقد فسد صومه، وزادت آثامه… وهي على قسمين، فالقسم الأول: ما يبطل الصوم ويفسده، ويوجب القضاء، وهي الأكل والشرب عمداً، والحيض والنفاس بالنسبة للمرأة، وتعمُّد الاستمناء، وتعمد القيء، ومن نوى الفطر  وهو صائم بطل صومه، وإن لم يتناول مفطراً. وأما القسم الثاني: فهو ما يفسد الصوم ويبطله، ويوجب التوبة والقضاء والكفارة، وهو الجماع في نهار رمضان فقط، فيحرم فعله أثناء الصيام، ولا يجوز للمرأة أن تمكّن زوجها من ذلك؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإن مكّنته برضاها لزمها ما يلزمه من الإثم والقضاء والكفارة… ويباح للصائم أن يصبح جنباً ويغتسل بعد الفجر، والحائض والنفساء إذا انقطع الدم من الليل عنهما، جاز لهما تأخير الغسل إلى الصبح، وأصبحتا صائمتين، ثم عليهما أن تتطهرا للصلاة.. ويباح للصائم الاغتسال وصب الماء على رأسه للتبريد، كما يباح له السواك سواء كان في أول النهار أو في آخره، ويباح للصائم الكحل والقطرة الدوائية ونحوهما مما يدخل في العين والأذن.

ويباح للصائم أيضاً تحليل الدم، وأخذ الإبر التي لا يُقصد منها التغذية، وإن أخَّرها إلى بعد الغروب فهو أحوط وأفضل، ولا مانع شرعاً من أخذ مريض السكر، إبر الأنسولين أثناء الصيام، ويكون صيامه معه صحيحاً.. واستعمال الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وكذا استعمال الأوكسجين في التنفس فإنها لا تفسد الصوم ولا تفطر، ويجوز للصائم استعمال بخاخ الربو إذا أحتاج إليه فهو غير مفطر، مادام الذي فيه مجرد رذاذ وبخار وليس مادة لها جرم. ويباح ويجوز للصائم أخذ لقاح كورونا ونحوه في نهار رمضان، لأنه يؤخذ في العضل، ولا يصل إلى الجوف من طريق معتاد وليس مغذياً، فهو غير مفطر، ويباح الفطر للمريض والمسافر ويقضي ما أفطره في مرضه وسفره

 ويباح الفطر في رمضان للشيخ الكبير الفاني، والمرأة العجوز إذا كانا لا يستطيعان الصيام وكذا المريض مرضاً مزمناً لا يرجى برؤه، فإنهم يفطرون ويكفر عنهم بإطعام مسكين عن كل يوم أفطروه… ويباح الفطر في رمضان للحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما، وعليهما القضاء.

ويجب على الصائم أن يتحلى بمكارم الأخلاق، ويجتنب قول الزور واللغو والرفث. ويترفع عن جميع المعاصي الظاهرة والباطنة، يقول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْل فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ). ويسن للمسلم أن يتسحر ويؤخر السحور، لأن في السحور بركة، ويسن تعجيل الفطر، وأن يفطر على الرطب أو التمر أو الماء، ويدعوا عند فطره، كقوله، (ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) ويستحب للمسلم تفطير الصائم، فمن فطَّر صائماً كان له مثل أجره.

وينبغي على الصائم أن يحرص على الإكثار من أداء الطاعات والعبادات، وفعل الخيرات، خصوصاً في شهر رمضان المبارك.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يفقهنا في الدين وأن يلهمنا رشدنا، ويعيذنا من شر أنفسنا، وأن يعيننا على صيام رمضان وقيامه، وأن يتقبلنا فيه، ويجعلنا من عتقائه من النار

اللهم وفقنا للعمل بما يرضيك، وجنبنا أسباب سخطك ومعاصيك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم حبب إلينا الأيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين اللهم وفق ولاة أمورنا، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح قادتهم وعلماءهم وشبابهم وفتياتهم ونسائهم ورجالهم يا سميع الدعاء،

اللهم ارفعْ وأدفع عنَّا البَلاءَ والوَباءَ والغلاء والرِّبا والزِّنا والفواحشَ والزَّلازلَ والمِحَنَ والفتنَ وسَيءَ الأسقَامِ والأمراضِ عن بلدِنا البَحرينِ خاصةً، وعن سَائرِ بلادِ المسلمينَ عامةً يا ربَّ العالمينَ.

اللهم انصر عبادك المستضعفين في كل مكان. اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان ناصراً ومؤيداً، اللهم أحفظ المسجد الأقصى مسرى نبيك وحصنه بتحصينك وأكلاه برعايتك، واجعله في حرزك وأمانك وضمانك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا واشف مرضانا، واشف مرضانا وارحم والدينا، وارحم موتانا وارحم موتانا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم بارك لنا في رمضان وأعنا على الصيام والقيام وسائر الطاعات يا رب العالمين.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

    خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين